لهذه الأسباب تم منع هواوي في الولايات المتحدة
مع تمديد حجب التعامل بين الشركات الأمريكية وشركة (هواوي – Huawei) الصينية لمدة 90 يوم، يبدو أن الشركة الصينية لا تزال تحاول تجميع نفسها من أجل مجابهة هذا الحظر، والذي يمنع الشركات الأمريكية من التعامل من شركة هواوي من كافة النواحي، سواء بالإستيراد أو التصدير أو حتى استخدام البرامج والتكنولوجيات المختلفة.
هذا القرار كان متوقعا منذ مدة لدى كلا طرفي المعادلة، فهواوي بدأت بالتحضر لمثل هذه النتيجة منذ عام 2016 حين بدأت بالعمل على نظام التشغيل الخاص بها والذي من المتوقع ان تعلن عنه في وقت قريب، والعمل على متجر التطبيقات الخاص بها، والذي أصبح جزء لا يتجزأ من البرامح التي تأتي مع أجهزة هواوي.
قرار المحكمة الأمريكية حول خطورة هواوي لم يكن فقط غريبا، بل كان شاملا لكافة تعاملات الشركة الصينية مع أي شركة أمريكية، وتم توضيح سبب الحظر إلى أن الشركة الصينية تشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي، ورغم ذلك لم تعلن المحكمة أبدا عن أي دليل حول هذا الخطر الذي تسببه الشركة للأمن القومي.
منذ تأسيس شركة هواوي في ثمانينات القرن الماضي، كان هدفها الأساسي هو توفير التكنولوجيات المختلفة للإتصال بأسعار معقولة ومقبولة، واقل من نظيراتها في السوق، وهذا ما نجحت فيه خلال الأعوام التالي لإنشائها. فمثلا عند القاء نظرة سريعة على أسعار أجهزة هواوي نجد أن جهازها (P30 Pro) يباع بسعر $799 في حين أن منافسه من شركة (سامسونغ – Samsung) وهو جهاز (جالاكسي اس 10 بلس – Galaxy S10 Plus) يباع بسعر $999 وبمواصفات أقل من هاتف هواوي، وأخيرا هاتف شركة (ابل – Apple) بإصداره الأخير (ايفون اكس اس ماكس – iPhone Xs Max) وبمواصفات اقل حتى من هاتف سامسونج يباع بسعر $1099.
أسعار هواوي لم تتوقف في المنافسة فقط في مجال الأجهزة الذكية، بل تعدتها لتصل الى كافة الخدمات التي توفرها الشركة، فأجهزتها اللوحية ذات المواصفات العالية أرخص بـ 20% – 30% من نظيراتها وكذلك الأجهزة المحمولة والتي تقع ضمن نفس المستوى. ولكن ما تميزت به هواوي هو تكنولوجيات الجيل الخامس.
يأتي وقت حظر شركة هواوي في التعامل مع الشركات الامريكية في وقت “استراتيجي” فالعالم أجمع بدأ يحضر نفسه من اجل تكنولوجيا الـ 5G والتي تعتبر هواوي من أهم اللاعبين في تزويد شركات الاتصالات بالتكنولوجيات اللازمة لتشغيلها وتوزيعها، حيث ان أسعار الشركة والأجهزة التي تزودها من اجل خدمة الـ 5G تعتبر أفضل من منافسيها (ايريكسون – Ericson) و(نوكيا – Nokia).
وفي الوقت الذي منع فيه القرار الشركات الأمريكية من التعامل مع هواوي، بدأت شركات عالمية أخرى حول العالم مثل شركة (ام تس اس – MTS) الروسية والتي أعلنت أنها قد وقعت عقدا مع هواوي لتطوير شبكات الجيل الخامس في دولة روسيا، ولكن روسيا لم تكن الوحيدة التي لم تصغي لتحذيرات الحكومية الامريكية، المملكة المتحدة، كوريا الجنوبية، ماليزيا وغيرها من الدول والتي وصلت لـ 30 دولة قد وقعت عقود مختلفة مع الشركة من اجل تطوير شبكات الجيل الخامس.
الحكومة الصينية، والتي تدعم شركة هواوي بشدة، أعلنت انها ستقوم بانشاء قائمة خاصة بها تمنع من خلالها الشركات الصينية من التعامل مع الشركات الامريكية التي ستدعم قرار الحكومة الامريكية، في حين ان هذا القرار يبدو للوهلة الأولى انه مجرد رد فعل على قرار المنع الأمريكي، الا أن الصين تعتبر أول واكبر دولة مصدرة بضائع للسوق الأمريكي، ومن تاريخ الحكومة الصينية، نجد ان الحكومة الصينية لن تتردد في اتخاذ قرارات من شئنها الحد من التصدير للصين، وبالتالي قد تتواخم النتائج على السوق الامريكية ذاتها.
الحرب بين الحكومة الامريكية وهواوي هي حرب اقتصادية اكثر منها حرب امن معلومات، على الرغم أن بعض التحليلات قد وضحت عدم تعاون هواوي مع وكالة الامن القومية الامريكية هو السبب الرئيسي في منعها في السوق الامريكية، الا ان هواوي أصبحت في الأعوام الأخيرة من اكبر شركات التكنولوجيا في العالم، ومن اكبر شركات التكنولوجيا الغير أمريكية، مما جعلها نصب عيني الحكومة الامريكية لدعم شركاتها. هواوي تحاول بشتى الطرق والسبل ان تتجنب العواقب الوخيمة التي ستصل لها في حال استمرار هذا المنع، لكن عملاقة التكنلوجيا لابد ان لها خطة بديلة من اجل تفادي مثل هذه المشاكل، فقط الوقت سيظهر لنا ما النتائج التي من الممكن أن تحصل.